ميشال اده يتسلم رسمياً من البطريرك الراعي اعلى وسام بابوي
2012-08-21
تسلم رئيس المؤسسة المارونية للانتشار، الرئيس الفخري لجمعية "التعاضد ين اعضاء جوقة الشرف- لبنان" الوزير السابق ميشال اده، من البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اعلى وسام بابوي من رتبة الصليب الكبير في جوقة القديس عريغوريوس الذي منحه اياه البابا بنديكتوس السادس عشر عصر يوم الثلاثاء 21/8/2012، في حفل اقيم للمناسبة في الصرح البطريركي في بكركي، حضره الى جانب السفير البابوي في لبنان غابريال كاتشيا، ممثلا قداسته، رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخارن، رئيس الرابطة المارونية جوزف طربيه، والمستشارون في رئاسة الجمهورية ناجي ابي عاصي، مارون حيمري، جورج غانم، الامين العام لجمعية "التعاضد بين اعضاء جوقة الشرف-لبنان" رفيق شلالا، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين نعمة افرام، اضافة الى اعضاء المؤسسة المارونية للانتشار، والعديد من الفعاليات السياسية والاجتماعية والنقابية والتربوية والاعلامية ورجال فكر ودين.
المطران مطر والقى راعي ابرشية بيروت المارونية المطران بولس مطر كلمة من وحي المناسبة اشار فيها الى "الدور الذي لعبه ولا يزال الوزير ميشال اده على الصعد الوطنية والانسانية كافة"، معددا بعضا من هذه المحطات التي تجلى فيها خدمة للبنان واللبنانيين، مشيرا الى "ان شهرة اده تجاوزت حدود بلاده الى اقطار اخرى عديدة في الشرق والغرب بفضل ما حمله من انسانية وحب العدالة وقيم اخلاقية ونشر للسلام وسط الشعوب".
كاتشيا بعدها تلا السفير البابوي في لبنان غابرييل كاتشيا ممثلا قداسة الحبر الاعظم البراءة البابوية للوسام، معددا الحمائد التي يتحلى بها المحتفى به والتي اوجبت منحه الوسام.
الوزير اده والقى المحتفى به الوزير اده كلمة شكر فيها قداسة الحبر الاعظم والبطريرك الراعي على منحه وتقليده الوسام. وقال: " غبطة أبينا وسيّدنا مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق الكلّي الطوبى غبطة أبينا الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الكلّي الطوبى سعادة القاصد الرسولي ممثّل قداسة الحبر الأعظم البابا بنديكتوس السادس عشر أصحاب السيادة والآباء الأجلاّء
أيهّا الحفل الكريم،
لست أملك إلاّ أن أصدقكم البوح بأنّ هذه اللحظات هنا ومعكم هي من أسعد لحظات حياتي. فكم يشرّفني، وكم أعتزّْ بهذه النعمة التي باركني بها رأس الكنيسة الكاثوليكية، قداسة الحبر الأعظم بنديكتس السادس عشر.
وكم يشرّفني وكم أعتزّ بأنّ يقلّدني إيّاها، نيابةً عن قداسته، غبطة أبينا وسيّدنا مار بشاره بطرس الراعي الكلّي الطوبى.
وكم يشرّفني وكم أعتزّ بأن أتسلّم هذا «الصليب الأكبر للقديس غريغوريوس الكبير» بحضوركم جميعاً أيّها الأحبّة الأعزّاء، وبمشاركتكم إيّاي اعتبار الصليب إسماً للحياة، بمعرفتها وبعيشها على الأرض كما في السماء.
أصدقكم الاعتراف أيضاً أنّني عندما تهيّأت الى إعداد كلمة الشكر هذه، واتتني من تلقاء ذاتها - أوّل ما واتاني - عبارةٌ لألفونس دوديه Alphonse Daudet كنت صادفتها على مقاعد الدراسة والمطالعة من عقود مضت، يصف فيها جنازة الشاعر ڤيكتور هوغو Victor Hugo، ويقول فيها : « الموت من دون الكنيسة يخلو من الجلال». وأسمح لنفسي اليوم بأن أضيف إليها أنّ الحياة كذلك، من دون الكنيسةْ، تخلو من جلال الكرامة الإنسانية، كما أنّ العالم يخلو من العدالة العظمى التي استدعت فادياً.
الكنيسة الكاثوليكية، أبناؤها في كل بلدان العالم. وهي تستجيب لكلّ اللغات. صوتها يرتفع هادئاً هادياً: يقول الحقائق التي تنقذ عالمنا بالمحبّة والعدالة في كلّ الأزمنة. دور هذه السلطة المعنوية العالمية الطابع من أجل خير الإنسانية جمعاء، يفعل، غرباً وشرقاً، شمالاً وجنوباً، لصالح شعوب كوكبنا الجغرافي الواحد، في عالمٍ تتساقط فيه الأسوار والجدران فيما بين بلدانه ومجتمعاته، سوراً تلو سور وجداراً تلو آخر، فيما هو يغذّ السير الى المزيد من الترابط والتوحّد، وإن مترافقاً بصخبٍ وقلقٍ كبيرين. أمّا صوت الكنيسة الكاثوليكية فيستمرّ هادئاً هادياً، يصدر عن ذلك المخزون من الحكمة المتجدّدة أبداً والكامنة في «العظة فوق الجبل»، تتردّد أصداؤها في أربع أصقاع الأرض.
إنّما يكون لها في وطننا لبنان وقعٌ خاصٌّ جداً، خصيب جداً، متجدّد أبداً، لا سيما منذ أن تمسّكت كنيستنا المارونية بوحدتها مع الكنيسة الكاثوليكية الأمّ في روما. وكان هذا التمسّك بذاته من أوّل مكوّنات تراثنا الماروني المترسّخ على اثنين : التجذّر والانفتاح. فلا تقوقع أو انعزال، ولا عدميّة أو ذوبان :
المدرسة المارونية في روما تجذّر وانفتاح. والمجمع اللبناني الماروني الأول عام ١٧٣٦ تجذّر وانفتاح. والمطبعة الأولى في هذا الشرق التي حملها المطران سركيس الرزّي على كاهله من روما الى دير مار أنطونيوس قزحيا بوادي قنوبين المقدّس، تجذّر وانفتاح. ثمّ لتبزغ تباشير النهضة الحديثة التي انطلقت من لبنان لتحدث نهضةً عربيةً عامة، مهّد لها هذان التجذّر والانفتاح ذاتاهما. وكلّ هذه السلسلة المباركة المتواصلة من القديسين والطوباويين الموارنة، تجذّر وانفتاح.
كنيسةٌ مارونيةٌ كاثوليكيةٌ صخرةٌ راسخة، لأنّه لم يفتها سرّ التجسّد والتجدّد، لم تشأ خيرها استئثاراً لأبنائها وحسب، بل لجميع الجميع في محيطها وبيئتها في آنٍ، وعلى حدٍّ سواء. إنّها دائماً «العظة فوق الجبل» التي ألهمت الموارنة الى أن يكونوا أساس ولَبِنَةَ صيغة مجتمعية فريدة تقوم على التنوّع الديني، والى أن يكونوا حجر الزاوية في بناء لبنان وطناً متميّزاً على أساس العيش المشترك الواحد. وطناً رائداً في إزالة المسافات بين الأديان، بل في جعله موئل حوار مُعاشٍ فيما بين معتنقيها جميعهم.
ولئن بدا مشهد لبنان معتماً، مغمّاً في هذه الأيام، فهذا طارئ الى زوال. نحن بعدُ أهل رجاء لم يَخِبْ أبداً في كلّ مرّة سابقة فُرِضَ علينا فيها، كنيسةً ومجتمعاً وكياناً ووطناً، امتحان صيغتنا وإيماننا. هذه الأرض سوف تظلّ جميلةً مُخْضَلَّةً راسخة واحدة، لمن يقف حياته على المحبّة، على العدالة، للحريص أبداً على ألاّ يُصاب في روحه المسيحي.
أرجو أن يختزن شكري العميق العميق لقداسة الحبر الأعظم، ولغبطة أبينا البطريرك مار بشاره بطرس الراعي ونيافة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير وسيادة المطران بولس مطر، على هذا الصليب الذي مُنِحْتُهُ، والذي أعتبره دعوةً لي الى التأمّل أكثر فأكثر، والى المزيد من تنقية إيماني المسيحي الماروني بالمزيد من المحبة، متسدِّدةً خُطايَ نحو النور المخلّص. وإليكم أيّها الأصدقاء خالص امتناني على مشاركتكم التي غمرتموني سعادةً بنبلها وجميل معانيها."