شدد السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه على أن "فرنسا بقيت على الدوام وفية للبنان، في الظروف السعيدة كما في في أحلك مراحل تاريخه". وعدد "أهم محطات هذا الوفاء، ولا سيما في الفترة الأخيرة"، واعتبر أن "التعاون في المجال الأمني يندرج في الإطار الأوسع لمساعدة لبنان في مسألة النازحين في مؤتمر بروكسل 2، وفي التطور الاقتصادي في مؤتمر "سيدر". وهذه المساعدة لا تأتي من دون مقابل، وهو بحد ذاته في مصلحة لبنان وهو تحقيق الاصلاحات الجذرية والتي ينتظرها المجتمع الدولي وفرنسا ولا سيما في قطاع الكهرباء والقطاعات الاخرى".
وحيا السفير الفرنسي "القوى المسلحة اللبنانية وسائر الاجهزة الامنية، ونموذج القوى المسلحة اللبنانية أبرز دليل إلى ان مثل هكذا جهود لا تذهب سدى"، مشددا على أن "التفاني اليومي لهذه القوى وحرفيتها، يشكلان ضمانة ليس فقط لاستقرار البلاد، بل ايضا لأمننا نحن. وهذه القوى، بالتعاون مع سائر الاجهزة الامنية، تتيح لنا ان نأمل بمستقبل افضل".
كلام فوشيه جاء خلال كلمة ألقاها في الاحتفال السنوي الذي أقامته "جمعية أعضاء جوقة الشرف في لبنان" Légion d'honneur، تكريما للمحاربين القدامى في الجيش الفرنسي، اللبنانيين والفرنسيين، المقيمين في لبنان، في النادي اللبناني للسيارات والسياحة في الكسليك، في حضور وزيرة التنمية الإدارية السيدة مي شدياق ورئيس جمعية أعضاء جوقة الشرف (SMLH) في فرنسا الاميرال الان كولدفي مع وفد ضم الجنرال جان بيار بوشين الجنرال برنار نيكولا، وحضر نائب رئيس الجمعية في لبنان الدكتور شفيق محرم ممثلا رئيس الجمعية الوزير السابق ميشال ب. الخوري واعضاء الهيئة الادارية، وممثلو قائد الجيش وقادة الاجهزة الامنية وعدد من السفراء، ورئيس جمعية اعضاء وسام الاستحقاق الفرنسي المحامي رشيد الجلخ، وشخصيات ثقافية واقتصادية واجتماعية وعدد من أعضاء جوقة الشرف في لبنان، إضافة الى قائد القوة الفرنسية العاملة في "يونيفيل" الكولونيل توماس بيو والقنصل الفرنسي العام في بيروت كريم بن شيخ.
فوشيه
بعد النشيدين اللبناني والفرنسي والوقوف دقيقة صمت تحية للشهداء العسكريين والزمنيين، ألقى فوشيه كلمة عبر فيها عن سعادته للمشاركة للمرة الثانية في الغداء السنوي التقليدي للمحاربين القدامى، محييا تضحياتهم وشهادتهم.
وقال: "أود أن أذكر محاربينا القدامى، الشديدي التأثر إزاء الأمر، نحن لا يمكننا نسيان من بذل حياته وشبابه من اجل بلاده. إن ال 58 فرنسيا الذين استشهدوا في مبنى الدراكار، وكل اللبنانيين الذين استشهدوا في نهر البارد وعرسال، والجرحى الذين عادوا مثخنين بجراحاتهم الجسدية والمعنوية من الهند الصينية والجزائر وافعانستان والمشرق، وايضا من منطقة الساحل الصحراوي، جميعهم يستحقون منا كل التقدير. وهم يستحقون منا ألا تذهب تضحياتهم سدى. ونحن من خلال عملنا، نبقي شعلة تضحياتهم متقدة".
أضاف: "إني لواثق أن جمعيات واتحادات المحاربين القدامى تكون أساس الرابط الذي لا غنى عنه بين الجيش والأمة. وأكاد اقول حتى بين الجيش والجيش. هذه الجمعيات والاتحادات تبقى على الدوام مساحة يتم التعبير فيها عن الروابط الفردية والجماعية التي عقدت في مواجهة النار، وهذا في صلب رسالتها. وفي مثل هكذا مواجهة أمر نجهله، نحن المدنيون، وهو الثمن المؤلم لمخاطر التضحيات التي تشكل أساس رسالتكم السامية".
وتابع: "ذكرى الذين سقطوا في ساحات الشرف تلزمنا على الثبات في التزاماتنا. وفرنسا بقيت على الدوام وفية للبنان، في الظروف السعيدة كما في في احلك مراحل تاريخه. وطوال 41 سنة وحتى اليوم، لا تزال فرنسا تساهم من دون انقطاع في مهمة "يونيفيل". وهي من اكثر المساهمات الفرنسية اهمية في الخارج بوجود 700 فرنسي. وهناك بالتالي اكثر من 35000 عسكري فرنسي عملوا ضمن القبعات الزرق في لبنان منذ العام 2006. هذه علامة قوية لمدى الاهتمام الذي نحمله لاستقرار لبنان وأمنه. ومنذ عودة السلام اليه، جهودنا كانت على قدر التضحيات التي بذلت اثناء فترة الحرب. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، استثمرت فرنسا بحوالى نصف مليار دولار لمصلحة دعم تثبيت الأمن في لبنان، ونحن نساهم يوميا في دعم القيمة العملانية للجيش اللبناني. وعلى صعيد آخر نسعى بكل ما أوتينا من جهد، لوضع توصيات "مؤتمر روما" في آذار من العام 2018 موضع التنفيذ، ونجري لأجل ذلك محادثات معمقة مع المسؤولين اللبنانيين وكبار المسؤولين في القوى المسلحة اللبنانية من أجل تأمين العتاد البحري والجوي الذي يتيح لها مواجهة التحديات الامنية والتمتع بقدرة التحرك في البحر، وفتحنا في هذا الاطار خطا تمويليا بقيمة 400 مليون يورو".
وقال: "في المحصلة، هذا التعاون لا يسري فحسب بل يركض. في العام 2018، وتنفيذا لالتزامات فرنسا في مؤتمر "روما 2"، عمدنا الى مضاعفة تعاوننا بنسبة 15%، وهي النسبة الاكثر اهمية بين سائر دول حوض البحر الابيض المتوسط، اضافة الى 45 مليون يورو كهبة مخصصة للتجهيزات. وهذا التعاون في المجال الامني يندرج في الاطار الاوسع لمساعدة لبنان في مسألة النازحين، مؤتمر "بروكسل 2"، وفي التطور الاقتصادي في مؤتمر "سيدر". وهذه المساعدة لا تأتي من دون مقابل، هو بحد ذاته في مصلحة لبنان وهو تحقيق الاصلاحات الجذرية التي ينتظرها المجتمع الدولي وفرنسا، ولا سيما في قطاع الكهرباء والقطاعات الأخرى. والحكومة اللبنانية هي حكومة "الى العمل"، والطارىء يستدعي وضع الالتزامات موضع التنفيذ".
وتابع: "ايها الاصدقاء، ان نموذج القوى المسلحة اللبنانية ابرز دليل إلى ان مثل هكذا جهود لا تذهب سدى. التفاني اليومي للقوى وحرفيتها، يشكلان ضمانة ليس فقط لاستقرار البلاد، بل ايضا لأمننا نحن. هذه القوى، بالتعاون مع سائر الاجهزة الامنية، تتيح لنا ان نأمل بمستقبل افضل. وإن عمل هذه القوى في سبيل توطيد السلام والأمن، أتاح العمل من اجل نهضة لبنان. وأرغب بأن أكرر تقديري لعمل صاحب المعالي، الوزير السابق، الاستاذ ميشال اده، في سبيل لبنان وكذلك لدعمه الكبير للمحاربين القدامى".
وختم فوشيه: "ايها الاصدقاء، ان فرنسا لا تنسى، وهي ستبقى وفية. ونموذج القوى المسلحة اللبنانية ورابطتكم يدفعها لمواصلة التزامها، وللشهادة بافتخار امام العالم، بمدى قوة الصداقة اللبنانية - الفرنسية. عاشت فرنسا، عاش لبنان، عاشت الصداقة اللبنانية-الفرنسية".
كولدفي
بعد ذلك رد الاميرال كولدفي، معربا عن سعادته لوجوده في لبنان للمرة الاولى، مشاركا اعضاء "جمعية جوقة الشرف" هذه المناسبة، محييا ذكرى الشهداء العسكريين، ومركزا على ما يجمع لبنان وفرنسا من علاقات صداقة متجذرة عبر التاريخ. ونوه بالمبادرات التي يقوم بها الرئيس الفخري للجمعية في لبنان الوزير السابق ميشال اده، وبالدور الذي يلعبه الرئيس الحالي الوزير السابق ميشال ب. الخوري لترجمة القيم التي يمثلها وسام جوقة الشرف الفرنسي. وقال إنه سيعود الى باريس حاملا ذكريات جميلة عن زيارته القصيرة للبنان، "هذا البلد الذي لحضوره في العالم عموما، وفي العالم الفرنكوفوني خصوصا، الكثير من الفعالية والتأثير".